المقدمة <<
الرحيل باتجاه العودة <<
أمي وحكاية راس العبد<<
اليأس والربان لا يتلاقيان <<
كلمات الدم والشظايا<<
كبرياء الساعة الخامسة والعشرين <<
زمن الموت والميلاد <<
ويعود الفارس <<
طوفان ١٩٧٣ <<
أربع شهادات للجرح المقاتل <<
أنت تقاتل .. أنت إذن فلسطيني <<
مرئية الموت والصمت والثرثرة <<
بصمات الكف الغاضبة <<
مقدمة
صخر اسم شعري تألق في بعض مجلات الثورة الفلسطينية، ولكنه لم يبرز خارج المجال الذي اختاره لنفسه . ولقد كانت الكلمات التي يكتبها صخر بعض معاناته خلال ايام النضال .
ولذلك لم تكن من الخارج. ومن هنا تكتسب هذه الكلمات اهميتها .
وهذه هي المجموعة الاولى لصخر. وهي تضم بعض شعهر، لامكتوب باللغة الفصحى، وقد اختارها الشاعر بنفسه. اما بقية شعره المكتوب بالفصحى، ابو بالعامية، وهو من الشعر الجيد، فلم ينشر .
ويسر الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين ان يقدم هذه المجموعة، ضمن انتاجه لهذا العام، آملين ان نقدم مجموعات الشاعر الاخرى في المستقبل .
ناجي علوش
الامين العام لاتحاد الكتاب
والصحفيين الفلســـــــطينين
الرحيل باتجاه العودة
-1-
تنامين
او ينعس الليل ؟
سيان عندي
فما دام وجهك يحمل لون التحدي
وما دمت انت التي ترسلين شعاع الامل
وحولك في غمرة اليأس اكوام وحل تذوب
وما دام ساعدك الشهم
يعلي لواء التصدي
وحولك ترجف ذعراً
جميع القلوب
فأنت البداية
انت النهاية
انت الفصول التي لا تغيب
– 2 –
وماذا عن العاشقين ؟
الذين استباحوا
الزمان الحزين
على كتفيك استراحوا
طويلا
وحين تعبت
وظنوك لا رجعة
سرقوك
وما ادركوا … لو مضيت
فإنك انت التي سوف تأتين
عنك البديلا
فانت التي قد غرست الشموع
الدموع
على كل ناصية
والشواهد
كل المقابر ارصدة ….
اين قارون …
. يحصي العطاء الجزيلا
– 3-
قفوا ايها السارقون …
قفوا ايها الهاربون …
انظروا ..
. فالعظام ارتدت لحمها
والشموع استعادت بخار الضياء
وبحر الندامة يغرق فيه الرجاء
قفوا ايها السارقون
اهربوا … ان عرفتم
فهذا زمان يطل به الحسم
اجنحة تحجب الشمس …
اين المفر ؟ !!
فإن الايادي التي قطعت …
وان الشموع التي اطفئت
تحمل اليوم سيف القدر
– 4 –
تظلين ؟؟!
او ترحلين ؟!
كبير لعمري السؤال
فانت التي قد صبرت
وقاسيت
صارعت درب المحال
عيونك ما ارضعت صفحة الغور بالنور
كي تحصد الليل فوق الجبال
وانت التي كل عشاقك
الاهل
والاصدقاء
ارتموا تحت نعلك يوم حضنت السماء
وفي راحتيك الكواكب
كانت تدور
وفي مقلتيك الرجاء
تظلين ؟! ا
و ترحلين ؟!
الى اين؟!
فالاصدقاء اختفى بعضهم
في المواخير
والاهل في علب النوم
لايحملون بغير الطعام
يمدون ايديهم للصوص
كأن الذي يسرق النوم
يعطي السلام
تظلين ؟!
او ترحلين ؟؟!
ومن غيرك اليوم يملك هذا الخيار
لقد رحل اليأس
بالارض
بالراكعين الكبار
لم يبق الاك
تعشقك الارض
كفاً تمد اليك
وحولك ترقص
كل قلوب الصغار
رحيلك يرصف درب المنافي
قنوطا
ويزرع سرواًعلى جانيها
يقود الى ساحة الانهيار
تظلين ؟!
او ترحلين ؟!
الف تظلين
الف تظلين …
انت على شرفات الصحارى ظلال
رحيلك للشمس … وهم
الى اين .. وهم
لغير فلسطين …. وهم ….
محال
محال
محال
بيروت – تشرين اول 1972
امي وحكاية رأس الرمح
أمضي .. وبقايا خطواتي
تحكي للارض
وثراها يهمس..
يفضح اسراري
والريح تسوق الغيم لتزرع بين الشمس وبيني
سداً ..
يصنع شلالاً من عرق في بحر الصمت
وعلى وجه الارض يموج الليل
ويرتسم المشهد
ذرات الارض اختلطت بالماء المالح
وانتصب التمثال
يذوب حثيثاًَ تحت سياط الشمس
ظلال الاحراش تغيب
جذور تسبح فيها النار
وتحرق سيل الافكار
الفارق في مجد التاريخ
ونجوم الارض
صداها يلمع بين الوحل …
غطاء الوجه ..
النافذ من طيات خطاه شعاع
عيون تلهث تبحث عن ارض عن حب
عن قلب يؤمن بالانسان
عيون تبحث عن درب في بحر اليأس
تشق الارض تفتش عن بركان
تحاول ان تبني جسراً للشمس
يطوق صدر الايمان
***
وعيونك يا امي ….
تسأل عن احمد …
تسأل دون دموع فيها …
تحمل في مهجتها قصة عمر في ارض نسمتها بركان
ارض الافراح .. الاحزان
ارض فيها كل عيون الاطفال
تكحل بالبارود
وتكبر في قلب الميدان
ارض تملأها الازهار
ويحضنها السمسار
تموج قبوراً
وحكاياوصبايا
وبقايا احذية ماتت فيها اقدام الزحف
الباحث عن الوان الخصب
وعيونك يا امي يتحرك جفناها
ورموش التاريخ تغازل سيل الالحان
ترقص فيها يافا .. قريتنا
قرميد البيت المبعد عن دنيا النسيان
والتسعة اطفال في صحن البيت يحومون
كانوا – يا فرحة امي – بستان
حبات العقد انفرطت ..
صارت يربطها تصريح
لا يسمعها وجه النهر
الغارق في بحر التسبيح
– يا رب انصرنا –
كالصوت الصارخ في البرية
لكن دون مسيح
وتظل شظايا الفرحة من همسات العمر
الراسم اهداب الوطن
امي تتنفس اغنية الحرية ..
اغنية الانسان
امي لا تعرف اغنية الشجن
امي تهوى فرح الابطال
النابع من جوف البركان
***
ويتمتم ثغرك يا امي .
” برضاي عليك يمه
احكيلي عن احمد
كيف يا ترى استشهد ”
وغرست بقلب الذكرى ظفراً يجرح
يسرق من دمع التاريخ حكايا
والماضي كان يجوب الافق
ويصنع من صفحات نجوم الكون مرايا
وتطل الاحرف
نفس الاحرف والكلمات
تتساقط كالامطار حكايا الليل
فتزهر في الصحراء الواحات
ويطل الماضي
لحظات وداع تربطني
بالامل الغارق .. شرق النهر
وغرب النهر
لحظات كنت ارى فيها
نوراً يتوهج كالموج الساخط
في البحر اليائس
لحظات تحمل آمال الشعب البائس
آمال البقعة والوحدات
ويغيب الماضي
ثم يطل .. وداع آخر في عمان
ساعة مزقنا ثمن النصر
والقينا كالمهزومين بنادقنا
يوم اتسعت حدقات الجفر
ذرات الارض اختلطت بالماء المالح
وانا تعصرني زنزانة ” فالح ”
وتمزقني عبر القضبان رياح الحزن
بني بيت ودار
سافروا الشباب يمه
واخلوا الدار“
يمه السمك في الميه
نسج حصيرة
سافروا الشباب يمه
واخلوا الديرة )
عمان تموج
بيادر خاوية تنتظر حصاداً
تنتظر سنابل
تنتظر النار وتحلم بالطوفان
تلقي بشباك الامل الضائع
في قلب الصحراء
يختلط سراب الارض بالوان الماء
ويموت السمك على الشاطئ
***
كلماتي شقت اردية الذكرى
رصفت درب حكايا
عن احمد ..
لا تعرفها امي ..
لكن تؤمن ان حكايا احمد لا تحصى
قلت وفي قلبي آلام القاتل والمقتول
كان المد الزاحف قد بترت ساقاه
وطوت صفحات اليأس قلوب الملتصقين بدولاب المجد وتساقطت الاوراق
خريف الجزر امتد
يمشط .. يعصر ارحام الصدق
ليفضح الوان الزيف
ويحرق احلام الطيف
كانت بسمة احمد يحضنها اليتم
كبصيص النور …
يجيء اليها الباحث عن دنيا الآمال
كانت بسمة احمد تهتف
” احمد يعرف ماذا كان يريد “
كان يرى درباً … صعباً
اشواكاً كجبال
املاً يذوي .. لكن لا يفنى
احمد آمن ان الامل الخالد لن يفنى
كبرت بسمته
كبرت فيها الآمال
وحول النور الساطع في الاحراش
التف رجال ..
وكانت قبضة احمد تكبر ..
تكبر .. بالابطال
كان العالم يرحل
والغابات تموج بقافلة الاسرى
وليالي الصبر
ليالي الليل العماني ..
غدت ذكرى
تتماوج اوردة التاريخ
لترسم نهراً .. في الصحراء
ويموج النور
وقلب الشمس يجاهد
كي يعطي فجراً
طوفان اليأس .. امتد .. امتد
وعم الكون
لكن البسمة في الاحراش نمت
والنحل سعى للزهر
والصوت الصارخ في الاحراش يقول :
” لا تفنوا جهدكم في النقد
وفي صيد الاخطاء”
” اما ان نبقى في الاحراش رهائن ..
اسرى .. او نربط بخطانا النهر
بامواج البحر “
” لا تبنوا املاً من طوب الاوهام ..
لن يربطكم بالخارج جسر مسحور “
لا تلقوا للخارج وزناً. نحن هنا ثوار
لا تطوى صفحتنا الا بالنار”
” السير على الاقدام سلاح.. من يفقده
لا ينفعه اي سلاح“
يا ليل الظامئ في الاحراش
ستصنع نصرا.. او قبراً
من حالك لونك يسطع احمد
عبر النهر
يحول ليل الخوف ببسمته ظهرا
يتوهج احمد
رأس الرمح من الاحراش
ليحتضن البحرا
شعلة اصرار لا تعرف معنى لليأس
ولا للخوف
وترسم طلعتها فجراً
***
ومضى احمد
يحمل نور العالم كي يغرسه في ارض فلسطين
في جعبته كل دموع الفرح المقهور
وكل دماء المحرومين
لا تحمله الارض طير
يعانق همس الريح
يسبح بالتحرير
وبالتفجير
وبالانسان
وامتدت اذرع كل جبال النار
تعانق صقر الفتح القادم
من اعماق اليأس
الحامل منجله والفأس
الرافع من اعماق الذلة ..
هام الرأس .
وبكت غيمات الفجر من الفرحة
بالصقر الفاتح
ماتت آثار الركب الزاحف
من دنيا الاغوار …
انتشر العشب …
حمام الغار…
يطرز ريح الدرب هديل
وسار الركب
واحداق الشهداء تعانق بالآهات خطاه
وفي عمان
شفاه الاثم تلامس للمحتل شفاه
تعانق عبر النهر حليف العمر
وترسم ادوار المأساة
ومضى احمد
خطوات تزرع في الوطن المحتل
حقولاً .. او سمة تلمع
كالبرق على الشاطئ
ورياح الخوف.. تهيم نوافذ
فوق رصيف
تبكي .. ودماء الظلم تجف
ويحترق الريق الظامئ
والكسرة تصبح الف رغيف
واطل على الساحل وهو يسدد قبضته وشفاه تتمتم :
” ياو وطني
ما كنت لاقتل ..
او ازرع رعباً في الناس
ما كنت لاجرح للنملة احساس
ما كنت لابدل وردات حديقتنا
بالاشواك
ما كنت لاسهر طول الليل افكر
بالالغام وبالاشراك
ما كان الحقد ليعرفني
لو ان العالم يفهمني
او ان العالم يعطيني .. حقي ..اياك
ما دام العالم يا وطني .. لا يفهمني
سأظل اقاتل .
( حتى تصبح يا وطني .. وطني )
وهوت قبضة احمد ..
كالقدر الصاخب
وانطلقت صرخات الموت تدوي
وارتفعت صيحات الغاضب
السنة النار بتاح تكفا …
تصفع كل ظلام
بصدى الآهات تفيض مجاري
صيحات دعاة الاستسلام
وماج الزحف على الاحراش ..
على دبين
وماج الزحف على احمد رأس الحراش المتوهج في قلب البحر
خطوات الموت الزاحف شرق النهر
تسير على انغام الزحف الباحث
غرب النهر
واحمد ظل يجوب الارض
وفي دبين حكايا الموت
وفي عجلون بقايا الصمت
واحمد ظل يجوب الارض
يطرز بالخطوات على صفحات ثرى الوطن
قصصا يذكرها .. يقرؤها
كل الاطفال
تتحدث عن شعلة اصرار
عن رأس الرمح الزارع في بحر اليأس
نجوم الامل الساطع في بحر الافلاك
عن حلم بالأمن وراء حدود تحميها الاسلاك
عن نار لا تحرقها الا النار
واحمد ظل يجوب الارض
يطرزها بحكايا الامل النابع
من اعماق الرفض
سبعة ايام
والزحف الباحث عن احمد ليل نهار
والزحف على دبين
على عجلون
غيوم الاثم تبيع جنان الخلد
بساعات في النار
* **
وفي منتصف الليل كمين قرب النهر
اقترب ليشهد مذبحة الاحراش
ليصطاد الطير الهارب من نار الاهل
الباحث في حضن فلسطين عن المأوى
المقسم ان لا يفني في قلب الوحل
واحمد كان يطل على الاغوار
وارتفعت السنة النار
وكان الليل يراقب كيف يموت الابطال
على ارض فلسطين
وكيف يموج الزحف على دبين
ومرت ساعات
مات الليل
ونار الثوار تجاهد كي ترسم درباً للشمس
واطل الفجر .. رأى كيف استشهد ركب الابطال
وكيف مضوا شعلة اصرار
والزحف على دبين
على عجلون
غيوم الاثم تبيع جنان الخلد
بساعات في النار
ثوار الخارج ينتظرون قرار
شمس الاحراش تغيب
تموت ..
وتطوي صفحتها بالنار
” يا عين لا تبكي على اللي مات بسلاحه
ابكي على الميّات زي النمل راحوا “
***
والى عيني امي القيت شراع
كانت بسمتها تدمع ..
في وجنتها طيف وداع
قالت .. وهي تقبلني ..
” ياولدي ..
الآن عرفت لماذا طوقني فرح مجهول
امتص الدمعة ..
اغرقها بحنان الام .. بحب الارض
فاينعت الصحراء سهول ..
ان الابطال تكفنهم بسمات الام
احمد يا ولدي .. غاب عن الابصار بطل
والدرب الظامئ للابطال .
يعيش وحيداً .. ينبت فيه العشب
لن يغسل وجه الدرب سوى الابطال
ليزهر فيه الحب
قسماً يا ولدي لن ابكيك اذا ما غبت بطل
في درب طرزه احمد “
امي تعشق فرح الحزن النابع من جوف البركان
دمشق – بيروت / شباط 1972
اليأس والربان
لا يلتقيان
– 1 –
فلتبدأي يا رقصة الحرب الاخيرة
ولتعزفي نغم الخلود العذب
وليتحطم الصمت الذي رقصت على اكتافه
عمان …..
فانتحر الدليل التائه الحيران
واحترق الشعار على الجدار
ولتسكبي في كأس ايلول المخضب
شهد ميلاد الدليل
ليشرب التاريخ والآمال
انخاب المسيرة
وليرتفع فوق الاكف
وفي القلوب
وفي الخطى
معنى القلوب
– 2 –
البيت شادته الاصابع
جبلت حجارته بدمع الابرياء
حرقت بطاقات الاعاشة
والمخيم
والقناعة لم تعد تغني
عن الامل الذي رصفت اليه الدرب
أغنية الخلاص
عزفت … وفي عرس اللصوص
فهز واقع عزفها …
كل الوقائع
رسمت حروف الواقعية يومها
لغة الطلائع
لغة الرصاص
– 3 –
المتعبون … اليائسون
على رصيف الوحل …
لا ماء يبل الريق
خلف ظهورهم
تركوا مياه النهر
والآمال
تزحف كي تقبلها
شفاه البحر
والنهر رغم الوحل …
ورغم القارب المكسور
والشفق المعبأ بالسدود
يظل يبحث عن طريق البحر
عبر الصخر
ما تعبت خلايا زنده
ويظل يحتضن الشموع
يضيئها ….. ……..
وهجاً
يشع من الجباه السمر
والعرق المكدس
والضنى
ويظل يشرق في طريق النهر
طيف البحر
طيف النصر
– 4-
ايام كان الحب يخطفه الرصاص
وخلف ذرعان الاحبة
يشرئب القبر
يحتضن الشهيد
مع السلاح
وتموت عبر الليل … آمال
وتولد في الصباح …. الشمس
تعطي لونها للارض
ويشرق وجهها عمان
والمليشيا زهر يشع الفجر من جنباته
في موسم النصر المخضب
وتجيء رايات العروبة خافقات
خضراء…..
موسمها الحصاد
يشع من اطرافها
وهج السنابل والامل
لكنها……..
خطفت شعاع الشمس
من صدر النهار
ورفرفت
نشرت ظلال الصمت
فانتشر اللصوص
واحرقوا زهر المواسم
– 5 –
عبثاً يحاول هؤلاء …
وهؤلاء…
شعبي انا …..
شعبي الذي رصف الطريق
الى خبايا الشمس
من بسماته يأتي الضياء
لن يستريح على رصيف الذل
فلتتعب خفافيش الظلام
امي تقول …
. سيروا بنيَّ …..
بغير لون النصر
لن يأتي سلام
– 6 –
ومحطة التاريخ تزحف
نحو حامل كأسها
سبع الفلا يطأ الهزيمة …. بالعزيمة
وترن في اذنيه اصوات الرفاق
تجيء من مهج القبور
” لا تستريحوا في الطريق فتكسلوا
ويضيع مشوار الكرامة
ويفيض في احشائكم لحن الفتات
يجيء .. تمطره سماء
امطرتكم ذات يوم بالرصاص
ويومها تتألقون
وتصنعون عظامنا
اطرا لمجدكم المزيف
وعيوننا خرزاً تصير
عقود تحضنها الصدور
ومسابحاً لا تسمع اسم ال
له تغرق في مشاوير الرذيلة
ودماؤنا حبر به تتألق الصحف العتيدة
تجمع الثيران
يرتفع الهتاف :
عاش الزعيم
راح الزعيم
جاء الزعيم “
ومحطة التاريخ تزحف
والخداع يموت قبل وصولها
فالموعد المشهود
عند البحر
من يسكب من الامواج نخب النصر للشعب العظيم
هو الزعيم
اليأس والربان
لا يتلاقيان
– 7 –
يا امتي ….
حسبوك من تعبوا من المشوار
اغنية حزينة
يتخيلونك تخضعين لهمسة الدولار
ارملة
تبيع العرض من اجل الصغار
فتكاثروا
وتناحروا
حبا واخلاصا
وماجوا حول صدرك يهتفون
ويمدحونك للزبائن
كانوا سماسرة ….
وانت على الصليب
لم يدركوا ان العذاب يحيك من هباته
سيف الحبيب
يا امتي ….
يتخيلونك صفحة طويت
– كأن المجد لم يغرق بها دهراً .. وان المجد
يزحف نحوها _
ولأنهم سد
يغذّ الى الركوع خطاه
يبحث عن خبايا العهر
ما وصلوا الى صلب الحقيقة
يا امتي … انت الحقيقة
واصابع النسيان تزحف
تربط الماضي بلون الصبح
تلغي الزيف
يرسم كل حر فيك يا وطني طريقه
وبوادر البركان تلمسها الرياح
فليركع الخفاش
مات الليل
وانتصر الصباح
بيروت حزيران 1972
كلمات الدم والشظايا
في العرقوب
…….. وليل العروبة في مهجع العصر – عصر
الهزيمة _ كل حروف حزيران
يرصف ارض البطولات عرقوب لبنان
يرصفه بشظايا مخضبة بدماء الرجال
تطرز وجه الثرى بالهتاف ” حماة الديار
عليكم سلام “
عليكم حماة الديار .. صخور العروبة
تبنى المدارس …. تبنى المصانع ..تبنى الجوامع
تبنى الكنائس تبنى بروج الحمام
عليكم سلام
*
وشمس حزيران تشرق ثم تغيب كسوفاً
لقد اعطت الارض اثقالها… وماجت
وما سمع الكون غير صراخ الحيارى
ينادون نبع الخلود ويرجونه ان يجف
لكي تصبح الارض جرداء خاوية للذئاب
لكي لا يرى النحل طعم الزهور
وصوت الحيارى يجف .. يموت
ونبع الخلود يفيض حياة ويرصف كل
روافده بالبطولات كي يملأ البحر
بالمجد والقدس جبهتها تتعالى
لتشهد كيف بنوها على دربها يصنعون
البطولات كالنور يعصف بالظلمات
ويلتهم النار
سيوف من الشمس مشرعة بالسنى والفخار
سيوف امية في غمدها .. وتغرق في النيل
في الوحل كل السيوف التي لا تضيء
وتلمع فوق جبين الحياة … جبين المعارك
ترصف ارض البطولات عرقوب لبنان
عمان … غزة … يافا …. وحيفا
سيوف فلسطين … تلمع كي يلمع
الحق في موطن الحق كيلا يذل الجبين
ولكي لا تنام العروبة تحلم بالامن خلف
ستار الهزيمة كالعبد يركع يسأل مولاه
مستجدياً ان يضاجع زوجته وهو
يهتف يزداد يا سيدي بالوليد
قطيع العبيد.
سيوف فلسطين مشرعة ستظل … وتدرك
اين الرقاب التي سوف تهوى
وما فرطت لعنة القدس بالحق يوماً … على
قدميها يخر الطغاة
تحرك اصبعها احرق النيل فاض الفرات
وطوفان دجلة يحكي عن الذكريات
لشاطئ بردى
وعمان لا تعرف النوم تشكو القبور من الريح
تحمل من لعنة القدس ذكرى تظل تصيح
ترددها همسات الجبال
*
وتهتز في الوطن العربي المحاجر وهي تشاهد
– قد ادمنت ان تشاهد منذ حزيران –
كيف يموت الربيع
فيزهر في جنبات الخيلج المحار
ويمطر نجم الحكايا قصوراً … حريماً
مواكب تسبح فوق دماء الغلابى
ويرتحل النفط يغرق فيه العرق
ولما احترق
تهاوى على ارض عرقوب لبنان ناراً … دماراً
ليختلط العرق العربي الذي في الخليج بدمع
اليتامى ودم الرجال على ارض لبنان
حيث سيوف فلسطين مشرعة
لا تلين
وتسري المواكب نشوى تصيح … خليج العرب
وتمتد ايدي اللصوص لتسرق جزر الخليج
فيهتف صوت العروبة والكأس مفرغة
خمرها نشوة الحكم ضاع الخليج
وضاعت فلسطين … ماذا سنعمل ؟ يرفض
كل حساباتنا العقل ماذا سنعمل ….
سيناء عادت … وكيف ؟ وجولاننا
فيه تبنى الحياة الدخيلة كيف ؟
وماذا سنعمل من يلعب اليوم بالنار
يحرق …. يا قوم كيف النهاية ضاعت
عقول العبيد
ومن يجعل الشعب سلعته كيف يخسر …
من يطفئ النار والليل يحلم بالنور
تلهو بنا جمرة الحكم تحرق كل الاصابع
لا يطفئ الجمر غير الدماء على شاطئ المجد
فوق فلسطين فالجمر يصبح برداً
سلاماً
ولا يطفئ الجمر ماء الحياة يجف فيركع
ركب العبيد وتشرق من لعنة القدس
نار الدمار
*
ولبنان جمرة حب تصب عليها فلسطين
كأس الحياة
لتبقى شعاعاً على الدرب يرسم لوحات
حب ….. اخاء
يطرز وجه الجنوب بلون الجليل
ويطمس صوت الحيارى المنادي بيوم الحصاد
عشية يوم البذار
لتبقى الاراضي القفار
ويحلم سيل الذئاب بأن يجمع الكادحون
له الحب .. يكف ؟! … برمش العيون
ليعمى الجميع … ويبقى الذئاب على عرشهم
يحكمون
حماة الديار عليكم سلام
عليكم حماة الديار ستبنى .. بروج الحمام
بيروت – او ل شباط 1972
كبرياء الساعة الخامسة والعشرين
” الى الشهيد البطل علي طه ورفاقه ابطال معركة مطار اللد“
– 1-
اخبروني ان في الشرق حكاية
وانا اعرف ان الشرق ظمآن
الى همس حكايا الكبرياء
كان لا يمطر في الشرق الضياء
كانت الاسماء اوراقاً تهاوت في خريف
عمره اطول من عمر الشجر
كانت الغابات قد سارت .. بدون الارض
عاشت في ظلال الليل .. في المنفى ..
وما جاء المطر
ذبلت اغصانها .. والطير .. مات الشدو
في منقاره والريح من كل الجهات
عصفت … فاستسلمت كل الجذوع الشامخات
في سراب العمر من غير جذور
والحكاية ؟؟
اخبروني .. ان في المشرق عشاً للنسور
يصنع الليل انغاماً تحيّ الركب
في درب العطاء
اخبروني
ان نسراً طار فامتدت الى الشرق الرقاب
ورأت رغم الضباب
كل شيء
يبس الضوء على وجه القمر
وظلام السجن يجتاح ثناياه الضياء
و (عليّ ) يرصف الايمان درباً للقدر
وعلى كفيه يستلقي القضاء
ومضة من كبرياء
– 2 –
ايها النسرالذي طار مع الريح .. وهدى ..
في فلسطين الحبيبة
حاملاً عمق جراح الكبرياء
حاملاً صفحات ايلول الخضيبة
وحزيران .. ورايات العروبة
والحلول التصفوية ..
ومشاريع الخطابات الابية
والملايين التي تحلم بالزلزال
كي يصنع حلاً للقضية
حاملاً حباً كبيراً للتراب…..
ولبيت المقدس الحافظ عهد الحب
والصانع احلام الشباب
وعلى دفء الجناح
تكبر البسمة من عمق الجراح
يكبر الحب ..
وتنمو الارض في القلب
وتغدو الاهل … والعمر .. واحضان الاله
يسكب التاريخ الحان الرياح الحاقدة.
وحكايا شعبنا المصلوب في كل الميادين العريقة
شعبنا المطلوب في كل الحدود
صانع الفرحة من حزن الوجود
شعبنا المطعون من كل الجهات
ويقاتل ….
ويناضل …..
ويسد الريح عمن طعنوه
وعلى احلك صفحات الوجود
يسكب النور على درب الخلود
– 3 –
ايها النسر الذي عاد الى عش النسور
تاركاً في زحمة المنفى سؤالاً
……..كيف طار؟!
كيف ؟…
من اين اتى عزم القرار
ويجيء الرد مرسوماً على وجه الصغار …
والكبار….
وجه من عاشوا مع النسر معاناة التحدي
وجه من تاقوا الى لحظة نصر
وجه من عادوا الى يوم الكرامة …
فتحوا كل قبور الشهداء ..
ورأوا بسمتها … والكبرياء
وجه من لم يحلموا ان يركع الغاصب لحظة
دارت الساعة في ارض المطار …
مرت العشرون ساعة …
سقطت سيناء ..
والجولان
والضفة
من لون الخريطة
قبل ان ينتحر اليوم الكبير ….
اصبح الدرب الى بحر الضياء
لامعاً يرسمه خط الدماء
ان ما يعطي الورى معنى الوجود
لحظات الكبرياء
لحظات تستحق العمر ان يذوي فيهدي للخلود
باقة تحضن زين الشهداء
بغداد – 17 ايار 1972
زمن الموت والميلاد
الى الشهيدين
وائل زعيتر
ومحمود الهمشري
– 1 –
وحين يكون .. ويمتد فينا الوطن
يصير كبيراً وتسبح فيه المشاوير
من ضفتيه .. الى قلبه ترحل
وحين يكون اسيراً
تذوب عليه الحكايا
وفيه المنى تجمل
ويغلو فلا نبخل
– 2 –
وحين يعانقه العاشقون
على جبل النار
تمتد اذرع روما
ووائل فيها
فلسطين تمشي
يقطع حبل المسافات
يعرفه الباحثون عن الشمس
والمتعبون .. الجياع .. العرايا.. ويمشي
وبيروت تنكره وهو فيها
وتخشاه كل العواصم ..
من يستطيع احتضان فلسطين
غير فلسطين
– 3 –
وتزهر في طولكرم المواويل
محمود عاد
وفي كفه راية النصر.. عاد
وفي شفتيه نشيد فلسطين .. عاد
وباريس ما ودعته ..
بكت يوم غادرها
والبلاد التي ضيعت اهلها
حرمته المرور
من البر
والبحر
والجو
لكنه عاد يحمل اسماً جديداً
-4-
يسيرون فوق الافاريز ..
حيث خطاهم ..
تكون حدود فلسطين
حيث يكون النضال
تكون حدود فلسطين
ولا يتعبون
وان رقص الموت شوقاً
تغطي سواعدهم قبلة الموت
لكنهم يبعثون
وعبر الضياع ودوامة اليأس
لا يتركون الحضارات تغرق
تعزف الحانهم كلمة السر
تصحو التواريخ
يختلط الامس
باليوم
والغد يشرق
والصمت يحتضن البندقية
والموت بارت تجارته
نحن نولد …..
اسرع مما نموت
– 5 –
ولا يرحل العاشقون الى الارض
لكنها الارض ترحل فيهم
الى عالم النصر
تشرب من كأسهم نخبها .. وتعيش
يرون على وجهها صورة الغد تشرق
دون رتوش
ويزحف سيل الجياع العرايا
يعدون اشجارها والطيور
ويغتنمون الحكايا
وتكبر اكواخها .. فتغطي القصور
بيروت – شباط 1973
ويعود الفارس
– 1 –
هائم في عدوه فوق السحاب
يقطف النجمات .. يلقي وجها عقداً
على صدر التراب
يعشق الارض .. يغني لهواها
ينسج الريح اناشيد شباب
يرصف الدرب بحبات الندى
ويشد النور عن طيف السراب
– 2-
فارس القرية عاد
يمزج الغربة بالطيف المضيء
ودعت كل صبايا الحي ايام الضياع
واعتلى الاطفال ظهر السرو والاشباح
عادت ذكريات
فارس القرية عاد
بعد ان ظنوه مات
جاءهم في عتمة الليل ومن قلب الدخان
انه يدرك ان النور لا ينبع من وجه الرماد
وعلى صدر فراش الليل ضاع الصبح واهتزت
مصابيح النهار
غرقت في جلة الصمت حكايا الحق والخوف
تمرد
والذي قالوه لما احرقوا الفارس في وضح
النهار
والذي غنوه لما حرثوا قبر الشهيد
صار كالاحرف بلهاء على موجة ريح
صخب الارض يدوي …
عاد يا قوم المسيح
-3-
عاش فوق الريح منبوذاً طريداً .. ثم عاد
كان في منفاه .. ما زال الامل
كان في القضبان في السهل على الاعواد ..
ما زال الامل
همسات الدفء تسري في الحياة ..
وعلى صدر الندى ترقص انغام الاصيل
جبل الزيتون يهتز .. يموت الخوف في
احشائه ينمو الوجود
سارق الارض على اقدامه تنصب الوان
الرجاء
” اعطنا السفح “
وفي احلامه .. طيف الفرات
دحرج الصخرة .. من رأس الجبل
صارت الصخرة .. فوق القبر شاهد
تحتها يرقد سمسار وجلاد وتاجر
” ها هنا يرقد من هانوا .. وبالحق
استهانوا “
-4 –
همسات الدفء تسري خلف امواج الاثير
تنشر النجمات
اشواق الثرى والدفء في عرض السماء
وحصان الفارس الغارق في بحر الضباب
يضرب الفجر بمهماز الضياء
فاذا حول قناة الحب .. امواج الدخان
ترتقي تنسج الوان الحياة …
وعلى الشطآن تستلقي بقايا الاشرعة
غرقت كل سفين الذل وانزاحت جميع
الاقنعة
وعلا صوت الدخان
زاحفاً يرسم الوان السلام
– 5 –
فارس القرية عاد ..
بعد ان طارده الاهل وسدوا حوله كل
الدروب
طلبوا منه الركوع
حلموا ان يصنعوا منه نديماً للسلاطي
ن وعبداً للعبيد
انه الفارس ابن القرية الشماء يدري
انه ابن العامل الجائع ايام الحياة ..
عشق الحرية الحمراء والغربة والحق
الذي ليس يضيع
عرف الموت .. وما مات ولن يفنى .
. ويدري
كيف .؟ من اين .؟ متى .؟ سوف يعود .
بغداد – 4 تشرين الثاني 1971
طوفان 1973
قرآن كريم
“وقيل يا ارض ابلعي ماءك،ويا سماء اقلعي ،
وغيض الماء، وقضي الامر، (*)واستوت على الجودي،
وقيل بعداً للقوم الظالمين ”
(*) الجودي: جبل بركاني شمال العراق
دست عنده سفينة نوح
– 1 –
اصفعوا الامواج
فالفجر طوى ليل المآسي
واربطوا الجودي بالكرمل
لا تلقوا المراسي
فيد الربان تمتد الى الصفصاف
لين الجذر .. لا يضعف
للمجداف
ان الجذع قاس
تزحف الارض على صدر التعاويذ القديمة
كل شبر بتميمة
قلبها يلهث بالحقد..
ويعطي للبراكين حميمه
يلملأ الكون بخاراً ورماد
وشظايا كبرياء
لملمتها الفلك من صمت الحداد
وبها طافت
تصب الامل المشرق
في دنيا العيون الدامعة
غيض بحر اليأس
عن وجه المزارع
والمصانع
وصحت من غفلة الخوف الايادي الضارعة
وتعرت لغة التجار
صار الليل بدراً
والذين المد اغواهم .. فعاثوا
يحصدون اليوم جزراً
– 2 –
كانت الامواج لا ترحم وجهاً للسفينة
طوقتها
مدت الاذرع تستجدي السحاب
رشت الشمس
واهدتها مفاتيح الغياب
وعلى الفلك رمت ليل الضغينة
حرمتها ان ترى الاشجار
ان تلمس الوان الثمر
حرمتها رقة الاطيار
انسام الزهر
نفثت فيه بذور السوس
كي تركع في ليل البحر
بللت بعض الشفاه
بمياه العجز
فاستلقت مجاذيف الحياة
ماجت الحيتان
كالنسيان
تلتف على صدر الصواري
تسرق النسمة من وجه الشراع
تربط الدفة بالاوهام
في درب الضياع
تزرع الليل على وجه النهار
ظمأ في بحر نار
لم تكن شربة ماء
من هدير اليأس تغري
عاف نوح الماء …
ما كان صبوراً ..
انما كان ” لرأس العين ” يجري
بذر التاريخ للاشجار
ذاب الماء في صمت الجذور
وتعالت وجنة الاغصان
في درب القمر
تحضن الفلك وترسيها
على وجه الثمر
غاب ليل اليأس
لما غرق البحر
على شاطئ طوفان الشجر
– 3 –
ايها السابح في بحر الليالي المظلمات
موسم الصيد انتهى
طار الحمام
والشباك امتصها المغزل
من صمت الكلام
تزحف الاشجار
لا تكذب زرقاء اليمامة
انظروا
الطوفان يمتد ..
يغطي
الكرمل
والاوراس
والجودي
تهامة
وارقبوا الوجه الذي كان ملثم
يمتطي ظهر المقطم
غارساً في ليل سيناء حسامه
ابشروا
فالليل مات
ابشروا
الطوفات آت
ابشروا
فالقدس في احضانها
ترقص احلى الاغنيات
بيروت – كانون اول 1972
اربع شهادات
للجرح المقاتل
اولاً لم تعد ارجوحة الايام
لم تعد ارجوحة الايام
تلهو بالحياة
غيض
– لما انقطع الحبل _
على صاحبه بحر الدماء
وتلاشى الليل
وانسابت اناشيد النهار
يصنع الجاني من الآثام
برج الانتصار
والى هاوية الحتف
يغوص البرج
يوم الانتحار
الشهادة الاولى
تنحني الاصوات
لا تحمل طيف الهمس
في آهاتها
وعلى كل الشفاه
ترقص البسمات
والشبل المسجى
يغرس الاشواق
يعتز به كف السرير
كاد من فرحته وهو يغني
ان يطير
قال والبسمة في عينيه
تشدو اغنيات
لا تقولوا ان ساقي ركام
كل ساق فيه عشرون وسام
لم ابع ساقيَّ
اعطيتهما امس
الى احلى رفيق
جاء .. لا يقدر ان يمشي
ويرجوني ان اعطيه ساقاً واحدة
سوف يمشي قال فوق الشمس
كي يحمي نصب الشهداء
قال ان الليل لولا الشمس
ما مات ..
ولا جاء النهار
وانا احلم ان احضن اطراف النهار
لم يعد ايلول ذكرى
فانا احمل ساقي فوق كفي
واعطيها لمن شاء
لكي يقرأ في صفحاتها
ايام ايلول الطويلة
نقشت قصة ايلول على ساقي
عشرين وسام
لا تقولوا ان ساقيَّ ركام
فلقد شاهدت اقدامي على الدرب تسير
تسبق الريح
لقد ارسلتها بالامس كي تمشي
على سطح القمر
ورفيقي كان فوق الشمس يجري
وانا اجري معه
فانا احلم ان احضن اطراف النهار
ورفيقي في غد سوف يعود
يحمل الانوار .. والورد وحبات العيون
وسأمشي معه
فوق ربوع الغور
في بيسان
في كل مكان
وعلى شاطئ عمان سنبني
سفن الحب المقاتل
والى يافا سنبحر
الشهادة الثانية
وعلا صوت من الركن المسجى
كالرصيف
مد لي راحته اليمنى
رأيت الحب في عينيه
ينساب على صدر الحياة
” لا تسل عن اصبعي المقطوع
في البقعة يوم الاحتلال
يوم ان جفت دموع الناس
والحسرة صارت
خيمة كبرى
وسل عن اختي الثكلى
وعن امي …. ابي
جدي الذي ما دفنوه
تركوه فوق صدر الارض
كي يدفنه جوع الكلاب
اصبعي المقطوع
والآلاف من جيل الصغار
قالها الحاقد
لن تحتضن _ الدهر _ زناد
اصبعي الضائع في وهم الخريف
سوف يأتيه ربيع العمر
كي يحضن اسرار الوجود
كان في كفي قيثارة
حب … وصلاة
عندما .. تشدو
ترانيم الاله
اصبعي المقطوع لم يغفو
في درب اللجوء
جاءني بالامس كف مظلم
يهتز شوقاً للضياء
طلب الاصبع كي يقلع
عين الاثم كي يودعه قلب الوباء
وانا احلم ان تشرق
شمس الحق
من اصبعي الشاهد
من كفي المحطم
فغرست الاصبع المقطوع
من كفي في ( البقعة ) يوم الاستغلال
ازهرت في كف ايلول حدائق
سمع العالم انغام البنادق
الشهادة الثالثة
اصرخي يا شمس
يا قطعة فحم
يا رماد
اصرخي
لن تسمع العينان مني
غير الحان السواد
كنت في الوحدات
لما امطرت ايام ايلول
على حقل الغناء
عندما قبلني وهج القنابل
وشظايا الخوف كانت
ترصف الجسم دماء
يا لاحشائي .. وآلام الكبار
كنت كالعفريت .. كالنسناس
من بيت لبيت
احمل الخبز
واكوام الذخيرة
احمل الدرب لمن يخشى
طريق الجامع المقصوف
او يخشى الضياع
كنت ارثي للكبار
فانا الطفل .. ارى الرعب
يضيء الليل كي يسحق الوان النهار
كانت النظرة من عيني
تعطي القلب لوحات
بها الالوان لا تشبه
شيئاً في الوجود
لم يكن يلمسني الخوف
ولا طافت بقلبي ذكريات
قد رأيت الشارع الغارق في بحر القنابل
كفراشات على الضوء، تموت
غير اني .. وجموع الشعب
في الوحدات
حاربنا الممات
اصرخي يا شمس
يا قطعة فحم ..
يا رماد
اصرخي
لن تسمع العينان مني
غير الحان السواد
هجمت فوق جبيني
قبلة الموت …
تلقتها عيوني
غابت الشمس
وما عدت ارى
غير الظنون
لم تمت عيناي يا ايلول
ما مات الضياء
جاءني بالامس وجه باسم
يطلب مني مقلتي
قال اني قد رأيت الله ..
والوحدات
والانوار
لكن هناك ..
وجه ايلول الجديد
يده من ساحة الموت
ومن حبل المشانق
اعطني عينيك قال
كي ترى ايلول
عدلاً … وانتصار
يطرح الجاني على اقدام
برج الانتحار
الشهادة الرابعة
وانا .. ماذا اقول
انا صوت
لم يعد يسمعه الاحياء
الا عندما تزهر بالحب الفصول
ملأ الايمان قلبي وغزته الامنيات
كنت لا احلم الا بالزهور
وبأنسام ربيع عامر
يمرح فيه العالم المسكي
ن يأتي فيه اطفال الخيام
لتغني معنا انشودة الفتح
اغاني عودة الخيمة للدار
لسفح الكرمل الحالم
ان تحضنه كف السلام
ماتت الاحلام في ايلول
من قلبي .
وما مات الامل عندما ضاعت بذور الحق
في صحراء جهل وضياع
عندما انصبت على وجه حياة الله
صفعات الردى
عندما ذابت صخور الارض
تحت النار
وانشقت سماء
غابت الرحمة كالطيف
لكي ترحمها عين الغزاة
ذبحت في حجر ايلول .. حمامه
فتمطى يحسب الزوار
في احلامه ….
يوم القيامة
وانا في الاشرفية
صوتي الضائع في غمرة
انغام الدمار
وجبيني يقطر الخوف
فينساب على قلبي الصغير و
على شاطئ بحر الموت
قرب الجامع المقصوف
القيت شراعي
اغرس الاموات في الخندق
استجدي لها روحاً
اغطيها بكمشات تراب
يا لها الاموات كانت
اعيناً تبسم رغم الموت
رغم الخوف . رغم المجزرة
وتذكرت …
ترى اين انا سوف اموت ؟
كانت البسمات كالاحرف
تنساب على قلبي .. تقول :
“آه ما اسعده من يضمن اليوم بقابا مقبرة”
وعلى شاطئ بحر الموت
اكداس الضحايا
وانا ادفعها للبحر
كي تسبح في حضن التراب
هطلت حتى على الاموات
امطار الدمار
غمرتها ..
غمرتني معها
كانت البسمة في عيني
في جهي .. تغني
فلقد ايقنت اني
فزت رغم القحط في يوم الحصاد
ببقايا مقبرة
كل شيء مات
الا قلبي المملوء بالحقد على ايلول
لكن دفنوه
سجنوه
ضاع اسمي .. واسم آلاف الضحايا
فاقاموا فوقنا نصب الشهيد
كبلتني قطعة الاسمنت
فوق الصدر
اطواق الزهور
وغياث الدمع في يوم الخميس
كاد ان يمحي الحقد
وقد شاهدت ازهار الحياة الباسمة
غير ان الحقد عاد
نبش السفاح قبري
حطم نصب الشهداء
وازيحت صخرة الاسمنت
قلبي عاد حياً من جديد
فيه حقد .. فيه نار .. وجليد
جاءني بالامر من يطلب قلبي
قال لي ..
يا اخي
انا لن اعرف درب النصر
من غير فؤادك
حقدك الكامن فيه
سيدوي في عروقي
يزرع الآمال في دربي
ويعطيني الحماس
قال ان الليل في ايلول
والحقد على شاطئ بحر الموت
والبسمات في دنيا الضحايا
خفقات
لم يذق طعم شذاها غير قلبك
لم يمت قلبي .. مضى
كي يغرس الاحقاد .. نصل الحق
في قلب الطغاة
وغداً يرجع قلبي
عامراً بالحب تحنو حوله
ايدي الاله
واخيراً
ظل برج الاثم يعلو
وعلى كفّيه يستلقي الطغاة
حسبوا ان قصور الاثم تعلو
فوق اسباب الاله
عندما انسابت على ضفة
نهر الخير اقدام الكسيح
عندما ازهر في كف سواد الليل
اصبع
ولدت شمس الحياة
لم تعد قطعة فحم او رماد
عانقتها مقل الثوار
في الوحدات
وانشق عن القبر الفؤاد
طار كي يدفن نصل الحق
في قلب الطغاة
لم تعد ارجوحة الايام
تلهو بالحياة
غيض
– ما انقطع الحبل _
على صاحبه بحر الدماء
وتلاشى الليل
وانسابت اناشيد النهار
يصنع الجاني من الآثام
برج الانتصار
والى هاوية الحتف
يغوص البرج
يوم الانتحار
بيروت – كانون اول 1971
انت تقاتل … انت اذن
فلسطيني
يتجدد فينا العالم
نحن ربيع
تمتد انامله كالليل
لتلملم اوراق الامل المدفونة
في قلب الوحل
تنطلق براعم باسمة
تعزف الحان العسل
تمد يديها
لتعانقها النحل
نموت …
ونحيا …
كل صباح نولد
يولد فينا العالم
نشمخ من قلب الرمس
ونشتت شمل اليأس
ويموت العالم
ننفخ فيه فنبعثه حيا…
يصرخ :
– يا هذا الشعب
يا هذا اللغز
انت تقاتل
انت اذن ( فلسطيني )
*
يتجدد فينا العالم
تولد فيه الاشياء …
اذا شئنا
ينسانا اياماً
ينحرنا …
ينتحر مراراً فينا
ويموت فنبعثه حياً
يسحقنا …
يصنعنا حلوى
ويصب الاقداح وترقص انخاب المهزومي
ن تصب علينا اللعنة
– شعب الفوضى
والارهاب
تمتد السكين … تقطعنا
تمتد الايدي … تنهشنا
نصبح اشواكاً دامية
في حلق الهازم
والمهزوم
ويصحو العالم …
يصرخ :
يا هذا الشعب
اللغز
انت تقاتل
انت اذن
( فلسطيني)
*
انهار الدم تنساب
تفيض على اطراف العمر
ونُعمَّدُ فيها كي نصبغ …
نصبغها نحن برائحة الجمر
ولا نصبح في هذا العصر
هنوداً حمر
لا نعطي المتاحف هذ العصر
جماجم للذكرى
لكنا نكسوها …
جدراناً…
اسطح …
ارضا…
نملؤها بعزيمتنا فخراً
بخلعها رمزاً حياً
لمسيرتنا الكبرى
ونتوجها نصراً
نبعث فيها العالم من غفوته …
يصرخ : ……..
يا هذا الشعب
انت تقاتل
انت اذن
(فلسطيني)
*
يتجدد فينا العالم
نعرف نحن دروب الحرية
نعرف نحن الاعداء
الاهل
الضعفاء
الثوار
نعرف نحن خبايا المشوار
نعرف ان ضعاف النحل
تسقط ان شح رحيق الزهر
لكن ….
نحل فلسطين الثورة …
يأتي برحيق الامل الباسم
من قلب الصخر
نعرف الوان الايدي الممتدة
تستعطي بعض المحصول
نعرف صوت الواقع …..والمعقول
نعرف وجه القاتل
يحمل نعش المقتول
نعرف احلام الرُّكع
نعرف كيف يغطي الذل جباه …
تحسب ان الجرح
بديل … للموت
وتنسى ان بديل الموت … حياة
تسقط كل الاصوات
وكل عقول العالم
تعجز ان تفهم هذا اللغز
هذا الشعب
الرافض طعم العجز
يتجدد فيه العالم
كل صباح
ينشد : ….
يا هذا الشعب
يا اوضح ما في هذا الكون
الحق يقال
لولاك لاصبح نصر الحق
محال .
بيروت – تشرين الثاني 1972
مرثية الموت والصمت والثرثرة
اتيت من الصمت حرفاً تلوَّى على جذع زيتونة
زيتها دمعة غرقت في السكوت وفي الثرثرة
تعانق وجه الصباح الذي ضيع الشمس
وامتشق السيف بعد الاوان فازهرت المقبرة
اتيت فيا ايها الصامتون اسمعوا الكلمة القنبلة
اذا طاف ليل النفاق عليكم وسخرَّكم صوت سحرٍ
وصفقتم للحروف مبعثرة تسرق الحقد تمتص
من دمكم ومضة العزم حين الوجوم على
مسرح العجز يلقي الرداء على وجهكم او اذا
خلب النصر لاح فلا تفرحوا وابشروا
فهزيمتكم مقبلة
تطاولت الاذرع … الالسنة
وكانت محصلة الفعل صفراً وثرثرة الاخذ
تعطي ويلتم شمل الحروف تقاتل حتى
تموت فينجو من الصمت حرف ويلتف
يربط بين البداية واللانهاية والازمنة
تمر التضاريس تحت الرياح تسر لها ان صمت
البراكين كي لا يعكر صمت السلام وان
الحفيف يخيف الحمام ولكنه الصمت
ان زاد يبعث روح التحدي فلا بد
من هزة كاذبة
تموج الرياح وفيها بذور العواصف مشنوقة
في قصور السلاطين ممنوعة عند كل الحدود
تزور اسماءها كي تمر وتنتحل الصمت
لوناً وتُقدم والناس تحسبها هاربة
وقوفاً معي عند هاوية النصر لا تتركوني
وحيداً فإني ارى البحر يلهث والسمك
التم حول الموانئ يحفر قلب اللآلئ
والموج يسبح يبحث عن ملجأ في
عيون السمك
ارى الارض تصبح ارضاً تغطي المدائن والشهب
تلتهم الزيف والارض تلتهم الشهب والشعب
ظل هو الشعب … من حوله كل شيء هلك
ارى دجل البندقية دون زناد يلوح للصامتين
اهتفوا … صفقوا فيضيع الهتاف
على صفحة المجزرة
وتعطي الهزيمة ميلاد عصر جديد وتزهر
مرثية الصمت والموت والثرثرة
بيروت – ايلول 1973
بصمات الكف الغاضبة
” الى عمر ….
الذي علم كفه كيف تحول كل شيء
الى مواد متفجرة واطلقها لتعود
الى فلسطين غاضبة تعلم الشعب
كيف يقاتل … ولا تزال كفه
الاخرى تعلم وتتعلم “
……………………………..
شوقي الى قبل تهز جوانحي ..
وانامل تنساب في شعري وكف من ثناياه الحنان يفيض
يغمرني فاصحو قبل
ان يطأ السبات حمى جفوني
ادنو من الاشياء .. ارعفها .. فتهرب .. احتمي بالصبر
اتبعها فاتعب .. اشتكي فيضيع صوتي في عيوني
ماذا ارى خلف السياج .. يداً بلا كف تشير الى
العصافير التي فقأت عيون النسر
وهو مقيد بالخوف لا يهتز وهو يعانق الطيران
ومعاول الشمع استباحت قلعة الاسمنت والفيل الذي
صرعته اسراب البعوض
والبندقية ترتمي في كف سكين واسماك تثور
فتصلب الحيتان
ماذا ارى ….
يتفجر الخبز … الثياب … الشعر … والاشجار
والاحجار … والالوان .. والاصوات .. والليل ..
التراب .
وارى ظلال اصابع تنساب … تلتقط الهروب
تلم شمل الطامحين …. الى الاياب
بصمات كفك يا عمر ….
اني اراها وهي تبعث في الجماد الروح .. تجعل
كل شيء صاعقاً .. متوثباً نحو انفجار
تمتد نحو بريقها ايدي القمر
وعلى شواطئ ظلها يحبو النهار
اني اراها .. في المصانع .. في المتاجر .. في الشوارع
في استغاثات الدخان
لهباً … يذكر كل من يئسوا بأنهم قنابل
لا تمل الصبر … تنتظر الزمان .. او المكان
يدك التي ما صفقت يوماً لمحترف الكلام ولا ارتمت
في حضن سلطان وتعرف كيف تكتب
فوق صفحات الرياح وفي العيون
بصماتها في كل واد .. فوق طاولة المحقق
في القبور وفي السجون
بصمات كفك يا عمر
غضبت فغادرت النسيم الى الرياح وعانقت
كل المقابر كي تحرك في العظام لواعج
الذكرى وتشعل في خلاياها الصواعق
وتفجرت .. فتحرك الشهداء وانتشرت على
الصمت الحرائق
اني اقبلها … اقبلها … بكل جوارحي
ما عاد لي شوق الى قبل تهز جوانحي
الا لكفك يا عمر
بيروت – يناير 1973