نهر بلا ماء <<
اشتعال الحلم <<
كأنّ شيئاً لم يكن <<
البحث عن المنفى<<
إمام العاشقين <<
الأرض والسبل <<
لكنّه وطني <<
البحر سوف يقوم <<
عنوان الحكاية <<
بوابتان للخليل <<
القدس مفتاح السلام <<
الفتح أغنيتي <<
الخيار خيارنا <<
أناشيد الأرواح <<
في الذكرى الخامسة والعشرين لرحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر <<
شعاع الصبايا <<
نعم سوف نبني <<
عودة جيفارا <<
نَهرٌ بِلا ماءْ
مَدريدُ ذاكرةٌ تَجفُّ على حُدودِ الجَمرِ
تَخرجُ من مَفاصِلها حكايا الرّاكِعينَ بلا جِباهْ
كانوا بِدونِ رُؤوسِهم يَتراقَصونَ
وكانَ عنوانُ الوليمَةِ
لا عِناقَ بِلا شفاهْ
الجَمرُ خَمرٌ والكُؤوسُ مَظلَّةٌ تَسعى الى مَدريدَ
في ذِكرى سُقوطِ الأنْدلسْ
فَلتفْترِسْ يا ايُّها الوَحْشيُّ أعناقَ الرُّعاهْ
فالأمرُ لا يَعنيكَ
لمْ تَعد الامورُ جَميعُها بِيدِ الالهْ
القُدسُ في مَدريدَ قَعرُ زُجاجَةٍ فَرغَتْ منَ الوَهْمِ المُحنَّطِ
تَستَجيرُ منَ البُكاءِ بِالانتِباهْ
سورٌ يُطوُّقُ غَيْمَة الماضي وباسمِ الله
يَذبَح كُلَّ مِئذَنةٍ تُنادي للصَّلاهْ
قَسمُ وَعهدُ لمْ يكن تحتَ اليدِ القُرآنُ
بل شيخٌ يعودُ الى صِباهْ
عَزفَت كُؤوسُ الأشقِياءِ مَع الاشِقّاءِ النَّشيدَ
وكانَ راسُ المَعمَدانِ يَصبُّ موسيقى النِّهايَةِ في الحَياهْ
النَّهر مِن ظَمأٍ تَشقَّقَ ماؤُهُ وَصليبُ مَغطَسِهِ يئِنُّ
الى حُدودِ الاشتِباهْ
فالنَّهرُ حينَ تَضيعُ جَبْهتُهُ يَتوهْ
والنَّهرُ حينَ يكونُ مُحتَلاً يَصيرُ بِلا مِياهْ
اشتِعال الحُلم
كَالبرقِ يأتي السَّيلُ من عَرقِ الحِوارِ، مُذوّباً
بِحليبِ خُفّاشٍ يُجادِلُ بِافتِخارٍ، أنَّهُ لا شَمسَ في الدُّنيا
وأنَّ الرَّبَّ أسودُ
والحَصادُ بُذورُهُ تَمتَدُّ مِن صَلَفِ الخُرافَةِ
كَالهَشيمِ الى مَراجيحِ الخِداع
والأرضُ يَسكُنُها طَواويسُ الهَوامِش
والوُعودُ
كَالابتِساماتِ البَليدَةِ في مَراسيمِ الوَداع
وَالوَهمُ يَصرَخُ لا تُرابَ لِعابِرينَ وَلا حُدودَ لحالمينْ
كانَ امتِشاقُ الحُلمِ يرفع سقف لهجتنا، نمترس
عِندَ سورِ القُدسِ قَلعَتنا وَحقّ اللاجِئينَ بِأن يَعودوا
صَهَرت خُطوطُ النّارِ مِن دَمِنا سَبيكَةَ أن نَكونَ وأن نَكونْ
الليلُ يَستلقي وَخارِطَةُ الضِّياءِ تَضيقُ في مَرجِ العُيونْ
فَرَشَتْ خَفافيشُ الظَّلامِ على السَّلامِ مِلاءَةَ الغَيمِ العَقيمِ
وَبَعثَرتْ دَمَها على شَفَةِ المَوانِيء
جاءَ اللَّقيطُ بِلا مَلامِحَ، سَيفُهُ ضَعفُ القَبيلَةِ
صارَ عَنتَرَةُ بنُ شَيلوكٍ بِضاعَتَهُ المَباديءْ
وَجَمَت نُصوصُ اللَّيلِ حينَ رَأَت ضِياءَ الشَّمسِ
يَهطِلُ كَالمَطَرْ
ذابَت تَفاصيلُ الحُروفِ
نُقاطُها سكَتَتْ
وموسيقى الكآبَةِ وَالغُموضِ تئن ما كذبت خبر
كانَ انبِعاثُ المَسخِ، رأسُ المَعمَدانِ يَعودُ،
جُمجُمَةً عَلى الأَكتافِ وَالحُلمُ اندَثَرْ
وأَنا أُحاوِلُ أَن أُلملِمَ مِن بَقايا الضَّوءِ بارِقَةً
لألوانِ النَّدى وَصدى الحَجَرْ
حُلمي يُحاصرُ كَومَةَ اليَأسِ المُحَنَّطِ
والمُؤَذِّنُ في دَمي صَخَبٌ يُدَوّي أَنْ نَكونْ
وأَن نكونَ وأن نكونَ وأن نكونْ
حَطَّت قِلاعي فَوقَ مِئذنةِ التَّجارُبِ في سُكونْ
كانَ العُبورُ إلى مُجازَفَةِ اشتِعالِ الحُلْمِ نافِذَةَ القَضاءِ
وفي دَمي كانَ اشتِعالُ الحُلمِ نافِذَة القَدَرْ
كأَنَّ شَيئاً لَم يَكُنْ
ويَقولُ لي أحدُ الذينَ أحِبُّهم بعدَ اجتيازِ التَّجْرُبَهْ :
بَعد الحُصولِ على رَقم ،،، قالوا تَعالَ
وَقفتُ في الطّابورِ أسبوعاً ،،،، تَعِبتُ
وَقفتُ أسبوعاً إضافِيَّاً عَلى أُمِّ المعابِرِ في رَفَحْ
كانَ الضِّياءُ يُحيطُ بي مِن كلِّ فج كنتُ أشعرُ أنَّني
قَوسٌ مِن الألوانِ يَنتظِرُ البِشارةَ والعِناقَ معَ التُّرابِ
معَ الصِّراطِ المُستَقيمْ
هيَ جَنَّتي الآتي لها مِن خَلفِ أنيابِ المَنافي
خَلفِ أسوارِ الجَحيمْ
نادى الخَواجا
كانَت الأصفارُ تُمطِرُ سِحرَها
– ما كوريم لَخا ؟
وَهَتَفتُ
– ماذا !؟
– اسمَك إيش ؟
وعجزتُ أن أتَذكَّرَ الأرقامَ واحترقَتْ على شَفَتي الحُروفْ
هَطَلتْ عَليَّ الأسئِلَةْ
– مِنْ أينَ ؟
ماذا ؟ كيفَ ؟
كُنتَ مُخَرِّباً !!
جَفَّتْ بِحلقي الأجوِبَةْ
أدركتُ أنّي عابِرٌ للأسرِ
مِفتاحي سِجلٌّ مِن نِضالٍ باهِتِ الرُّؤيا عَقيمْ
عَفَّرتُ وَجهي بِالتُّرابِ سَمِعتُهُ يَحكي عَنِ الشُّهداءِ
يَهمسُ لي عَن الميثاقِ وَالشَّعبِ العَظيمْ
وَعَبرتُ حينَ عَبرتُ، قالَ، إلى القِطاعْ
وَجَدتُهُ مُتَقَطِّعَ الأوصالِ مثلَ دَمي المُطَوَّقِ بِالرِّمالْ
وَعلى الحَواجِزِ كانَ قَلبي يَستَجيرُ مِن البَشاعَةِ
بِالهبوطِ إلى الحِذاءِ
فأَظافِر القَدمينِ تَحميهِ إلى حَدِّ البُكاءْ
مَن ذا يُصَدِّقُ مهرجانَ الابتِساماتِ، العِناقِ !!
كَأنَّ شَيئاً لَمْ يكُنْ
وكأنَّ شَرطَ الإتِّفاقِ بِلا ابتِزازْ
أنَّ أبناءَ العُمومَةِ أشكِنازْ
ووَجدتُ غَزَّةَ لم تَعُدْ (لِمْكوفَلِهْ بِالنّارْ)
لكِنْ بِالغُبارِ وَبِالحِصارْ
ولِدهْشَتي حينَ انتَقلتُ لِبَلدَتي
فوجِئتُ أنَّ الضَّفَّةَ الغَربيَّةَ انتَشرتْ بِدونِ حَواجِزٍ
وَبلا قَرارْ
البَحْثُ عَنْ مَنْفى
مِن أينَ أعبُرُ نَحوَ مِقصَلَةِ الضَّميرِ بِلا ضَميرْ
وَمُتَوَّجاً بِالشَّوكِ أدفِنُ في التُّرابِ تَردُّدِي
بِاسمِ التُّرابْ
وَحروفُ إسمي أَنكَرتني
واسمُ أُمّي
لم أكُن أرضى لأُمّي أن تُغَطّي سَوأَتي باسمِ الإيابْ
النَّهرُ يُغمضُ ضَفَّتيهِ لكَي تَضيعَ مَلامحي بَينَ السُّطورْ
جِسرٌ منَ الشُّهداءِ ذاكِرةٌ تُعربِدُ
أينَ مازنُ؟ أينَ أحْمَدُ؟
أينَ ماجدُ؟ أينَ مُصلِحُ؟
أينَ ذاكرةُ الشَّبابْ؟
الأرضُ تَحكي كُلُّ أحرُفِها تَماثيلٌ
وأذرعِها تُعانقُ ما تَبقّى مِن قُشورْ
باسمِ الإيابِ نَذوبُ في جُثَثِ الغِيابِ بِلا قُبورْ
نَستبدِلُ الدَّمَ بِالصَّديدِ والابتسامةَ بِالغُرابْ
راحابُ تَنشرُ في أَريحا ثَوبَها الواقي
وتَمعِنُ في الخَرابْ
وأنا أُحاوِلُ أن ألفَّ وأن أدورْ
البَحثُ عن مَنفى منَ المَنفى
مُعادَلةُ المُخَيَّمِ في المُخيَّمِ
والشَّماتَةِ بِالأسيرْ
إمامُ العاشِقينْ
هَل أَعلنَ الشُّهداءُ تَوبَتهُم وَعادوا يَلبِسونَ
جَماجِمَ الذِّكرى
وهل يَقِفونَ مِثلي
يُصبِحونَ
كَما أنا رَقَماً
ويَعتَرفونْ
كَما يَنُصُّ الاتِّفاقُ بِأنَّهم عادوا لأنَّهم استَفادوا
مِن مُعادَلةِ انهِيارِ حَليفِهم وَبِأنَّهمْ فَكّوا رِقابَهُمُ
لِكيْ تَنفَكَّ عُزلَتهُم وبِأنَّهمْ يتَبادَلونَ
سَذاجةَ الأنخابِ كي تَنزاحَ عَنهُم تُهمَةُ المُتَعصِّبينْ
(أهلاً بِكُم في أرضِ إسرائيلَ) فاتِحةُ الكِتابِ
ومرحباً بالقادِمينَ
إلى رُكوبِ مَصائِدِ الذِّكرى
مَراجيحِ الحَنينْ
للضّوءِ بَعضُ مَفاصِلٍ ومَعاوِلٍ وَلهُ ظَلامٌ دامِسٌ وَله طَنينْ
مُستفعِلنْ مُتَفاعِلُنْ مُستقتِلُنْ مُتَصالِحٌ مُتَحارِبٌ مُتَسامحٌ
مِن تَحتِ سُرَّتِهِ انْفِجارُ الياسَمينْ
مَنْذا يَسُدُّ الضّوءَ عن ليْلِ المُخَيَّمِ ؟
هَل تَصاريحُ العُبورِ إلى القُبورِ شَهادَةُ الميلادِ
تَستَثنى جَوازاتِ الأنينْ
هَل غادَرَ الشُّعراءُ حدَّ أنوفِهِمْ ؟
هَل يكْتُبونَ شَهادَةَ الميلادِ للزَّمَنِ الحَزينْ
هَل يَنسِجونَ مِن ارتِباطاتِ القُرى كَفناً لأحجارِ الخِيامِ،
مِن الرُّخامِ نَوافِذَ المُدُنِ الغَريقَةِ في تَضاريسِ الجَبينْ
يا أيُّها الوَلعُ انتَشِر في الأرضِ لُحمَتُكَ الإرادَةُ
والسُّداةُ وَجيبُ قَلبِكَ يا إمامَ العاشِقينْ
الأرضُ والسَّبَلْ
بَينَ الضَّرائِبِ والخَرائِبِ وَالجَمارِكِ وَالمكوسِ
شَواهِدُ الفُقَراءِ .. أَبطالِ الحِجارَةِ تَستَجيرُ منَ الخَصاصَةِ بِالأَملْ
وَتعُضُّ رَملَ البَحرِ تَعصِرُ مِلحَ أَعيُنِها لتَختصِرَ البُكاءَ الى عَمَلْ
الأرضُ تَحتَهمُ تُباعُ وَتُشتَرى ،، والسُّمُّ فيها قَد سَرى
ماذا جَرى لِدَمِ الَبطَلْ
قَد كانَ شَفّافاً كَنورِ الشَّمسِ
أصبَحَ مُظْلِماً كَالوَحلِ في زَمَنِ السَماسِرَةِ الذينَ
تَكَوَّموا فَوقَ الفَريسَةِ كَالذِّئابِ بِلا خَجَلْ
لأصابِعِ الخُوّاتِ سَطْوَتُها عَلى أَعناقِ تُجّارِ الحَشيشِ
وَتَستَحيلُ عَلى رِقابِ النّاسِ سُمّاً كالأظافِرِ في المُقَلْ
لِمَ أَنتِ كاذِبَةٌ عَروسَ البَحرِ
صَيّادوكِ عادوا بَعدَ أن زَفّوكِ دونَ مَلامِحٍ وعلى عَجَلْ
فَقَدوا شَجاعَتهُمْ وَصارَ البَحرُ غولاً
والشِّباكُ سَلاسِلُ لأصفادِ يَسكُنُها المَلَلْ
مَن ذا يَخافُ مِنَ احتِمالِ الخَوفِ
تَرجِفُ تَحتَ نافِذَةِ البَنفسجِ في حَديقَتِهِ القُبَلْ
ويذوبُ طَعمُ المِسكِ في عَينَيهِ
يُصبِحُ عَلقَماً فيها العَسَلْ
لِشجاعَةِ الخَوفِ احتِمالُ الإنتِحارِ
والاختِيارُ بِدونِ مِفتاحٍ هَبَلْ
لا تَقْذِفوا وَطَني مِنَ الشُّبّاكِ مَحمولاً عَلى حَتمِيَّةِ التّاريخِ
فَاالتّاريخُ لا يكفي لِيَفرِضَ نفَسَهُ
وَالمانِحونَ خُرافَةٌ مِن وَحيِ عَنقاءٍ تَبيضُ عَلى جَبَلْ
للْكَفِّ ناصِيَةُ العِنادِ تَصوغُ عَرْشَ الأرضِ بِالعَمَلِ العَمَلْ
فَالأرضُ لا يُعطي مَلامِحَها سِوى شَعبٍ بَطَلْ
وَالقَمحُ لا يُعطي بِلا أَرضٍ سَبَلْ
لكِنَهُ وَطَني
لكِنَهُ وَطَني
وهل وَطَني يَبقى بِدونِ كَرامَتي وَطَني
لكِنَّه زَمَني
وهل زَمَني يَبْقى بِدونِ إرادَتي زَمَني
وأنا الذي يَبقى ومِن جَسَدي الخَرائِطُ تَستَعيدُ
شَذا تَضاريسِ المَسيرَةِ تَستَفيدُ
مِن ارتفاعِ عَزيمَتي حَجَراً وَسارِيَةً
ومِن كَفَني
عَلَماً يُلَوِّنُ مِن شُموخِ كَرامَتي
وَطَناً يُعيدُ الرّوحَ في وَطَني
وأنا القَريبُ أَنا البَعيدُ وَلِلبَنَفسَجِ في دَمي بَوّابَتانْ
بَوّابَةٌ تَرْنو إلى وَطني المُلبَّدِ بِالسَّجايا الشّامِخاتِ إلى السَّماءْ
وفَجيعَةٌ تَدنو وَترسمُ بِالدَّمِ الوَحشِيِّ خطِّ الإستِواءْ
وهَراوَةُ السَّجّانِ تُمطِرُ حِقدَها وأنا الغَريقُ بِدونِ ماءْ
ودَمي يُنادي بَعض أورِدَتي لِتَنشرَني عَلى وَجَعٍ
ومِن هَلعٍ أَصيحْ
لا الأرضُ عادَت لا السّماءُ و لا الضِّياءُ
و لا العُبورُ و لا القُبورْ
و لا مُقايَضَةُ القَنابِلِ بِالسّنابِلِ سَوفَ تَجعلُ غَزَّةَ العُظمى
نَشيداً مِن نُمورٍ أو رَصيداً مِن تُمورْ
لكِنَّهُ الوَطَنُ الوَطَنْ
إِنْ كانَ في وَجَعِ العُصورِ مُذَوَّباً
فَهُوَ الوَطَنْ
أو كانَ في صَمتِ القُبورِ مُغَيَّباً
فَهوَ الوَطنْ
إِن كانَ مَشْلولاً قَتيلاً قاتِلاً
فَهوَ الوَطنْ
أو كانَ مُحتَلاً هَزيلاً ناحِلاً
فَهوَ الوَطنْ
إن كانَ مَغموراً بِأنيابِ الرَّدى
فَهوَ الوَطنْ
أو كانَ مَقهوراً بِأذنابِ العِدا
فَهوَ الوَطنْ
إن كانَ في عِزِّ الشُّموخِ تَألُّقاً
فَهوَ الوَطنْ
أو كانَ في قَيدِ الرُّضوخِ مُعَلَّقاً
فَهوَ الوَطنْ
وأنا بِلا وَطَنٍ أَصيرُ أنا
بِدونِ أنا
بِدونِ إرادَةٍ
وبِلا زَمَنْ
البَحرُ سَوفَ يَقومُ
عيني عَلى وَطَنٍ بِه تَلِدُ الحِجارَةُ أُغْنِياتْ
وبِه تُطِلُّ القُدسُ مِن فَوقِ الجَوامِعِ والكَنائِسِ
كَي تُلَملِمَ ما تَبَعثَرَ في الشَّتاتْ
وبِهِ يَـكونُ الشَّعبُ أبدَعُ صانِعٍ لِلمُعجِزاتْ
وبِهِ أكونُ أنا .. أنا .. وبِدونِ أَيِّ مُقَدِّماتْ
والأرضُ بَين أنامِلي لُغَةٌ ولا كُلِّ اللُّغاتْ
وتُترجِمُ العَنقاءُ أُغنِيَتي فَاُصبِحُ أُغنِياتْ
مِن تَحتِ سَطحِ البَحرِ تَبدأُ رِحلَتي والبَحرُ ماتْ
أنا قادِمٌ يا بَحرُ
إنّ تَرَدّدي عارٌ وإقدامي انتِحارْ
آتٍ وفي صَدري القَرارْ
فَلتَنتَفِض يا بَحرْ
بَين أنامِلي نَبعٌ مِنَ الماءِ الفُراتْ
ودَمي مَشاويرٌ مِنَ الزّمَنِ العَنيدِ
ومِن نَشيدِ الفَتحِ تَبتَدئُ الحَياةْ
في أَيِّ مَوجٍ تَختفي الأسماكُ والمُرجانُ تَسكُنُهُ
اللآلِئُ والمَحارْ
النّاسُ فيكَ وَعَنكَ قَبلَ تَموتُ كانوا في سُباتْ
يا ابنَ الفَجيعَةِ إنطَلِق .. مِنكَ البِدايَةُ لِلبِحارْ
فَلا تَظَلُّ سَدومُ مِن مِلحِ العِظامِ تُحيكُ أوتارَ المَواتْ
وَطَني عَلى شَفَةِ الإله البَسمَةُ الكُبرى
وفي عَينَيهِ للقُدسِ اعتِبارْ
وأنا أجيءُ وفي دَمي الأحلامُ تَسكُنُ دونَ أوهامٍ كِبار
وفَتحتُ نافِذَتي عَلى كُلِّ الجِهاتِ وبِاختِصارْ
لا لَن أَظَلَّ بِلا خَيارْ
آتٍ لأصنَعَ مِن مرارَةِ خَيبَتي أَملا لِفَجرِ الإنتِصارْ
فالصَّخرُ آتْ
والفَجرُ آتْ
والبَحرُ سَوفَ يَقومُ كالبُركانِ مِن تَحتِ الرُّفاتْ
آب / ايلول 1994
عنوان الحكاية
وأتيتُ ..
أول مارأيتُ البحرَ
نافِذتي فلسطينيةٌ
حَدّقتُ في الأمواجِ أسألُها..
فترقُصُ في سباقٍ نحوَ
صدرِ الشاطىِء الغافي على كفِّ النُّجومْ
ورأيتُ أشلاءً لميناءٍ يحاولُ أن يَعومْ
لما سألتُ عن الحكايةِ قيل لي :
قَد غادَر الميناءُ شاطأهُ
ليبحثَ عن سفينَتِه بعرضِ البَحرْ
وانتهت الحِكاية …
* * *
لا ما انتَهتْ
لكنها ابتدأتْ
ومنها يَبدأُ العُّد الصّحيحُ إلى الأمامْ
ما كانَ للنصّابِ والمُحتالِ والدّجالِ
أن يَطأوا على أحلامِ أطفالِ الحجارةِ والكفاحِ
وشعبِنا
بنعالِ أوهامِ السَّلامْ
من قال أن الله سَوفَ يُباركُ
السمسارَ والغشاشَ والمندسَّ بينَ صُفوفِ
عشّاقِ السلام
لقد انتهى عصر التداخل والتمازج
والتزاوج
بين أولاد الحلال وبين أولاد الحرام
الأمر أصبح بيّناً
وتطاولت شهب الفضائح
والخبيث نما كصفصاف بلا ثمر
يحاصر صوته الوحشي ألحان الهديل
ويسرق الأنغام من مقل الحمام
الأرضُ تحكي الآن قصتها
وتعرفُ من هُمُ الزّبدُ .. الفقاقيعُ
التي تذوي كوهم الصيف يحرسهُ السرابْ
والأرض تعرف من هم العشاق
من ولع الجذور إلى الأمانة في الصدور
إلى الندى الغافي على شفة السحاب
الآن عنوان الحكاية صارخ ..
الخبز للخباز
والمسمار للنجَّار والحذَّاء
حتى لايلوكَ الناسُ عندَ الجوعِ
رائحة المسامير التي انجذبت لخابية الطحين ْ
كي لا يسيرَ الناسُ في وجلٍ على خجلٍ
كأَنَ الأرضَ تحتَهُمُ عجينْ
ضع كل شيء في محله
حتّى يظلَّ الشيءُ شيئاً لايلفُّ ولا يدورُ ولا يغيبُ كَطَيفِ ظِلِّهْ
كانون أول ١٩٩٤
بوابتان للخليل
بوَابتانِ مِن تَلاحمِ المَحار والنّحيلْ
والضوءُ من شِباكِه يُطِلُّ
لا غبارَ في مَسامهِ و لا هَديلْ
وحينَ يصبحُ الحوارُ مُستحيلْ
وأمُّ إسماعيلَ في المنفى تُودّع الرَّحيلْ
لابدّ من بوابتينِ للخليلْ
لابدّ من بوابةٍ للنهرِ
تشربُ الضياءَ من عُصارةِ النّدى
وتسكُبُ المَدى
على دروبِ الموزِ والنخيلْ
لابد من بوابةٍ للبحرِ
تنشُد المحارَ تنكأُ الجِراحْ
تذوَّب الشموسَ في ملامحِ الصباحْ
وتكسب الفرحْ
على جناح الساحل الطويلْ
على جبينِ النّصلِ مرسوما على قوسِ قزحْ
من رأسِ ناقورةِ عكا .. شامخا الى رفحْ
* * *
بوابتانِ للخليلْ
عُصارتان من شموعِ الوهجِ والضياءْ
تعانقانِ المجدَ والفدَاءْ
وتعصرانِ الجرحَ
تتركانِ للصّديدِ أن يغيبَ أو يذوبْ
فمهرجانُ الّزيفِ في طريقهِ إلى الغروبْ
***
بوابتانِ للأملْ
بوابتان للعمل
الشمسُ في مكانها
والأرضُ في مكانها
والماء بين لفحةِ الهجيرِ والمطرْ
ينثُر في محاجرِ الخليلِ باقَةً من الزَّهرْ
والأرضُ تحضنُ الضياءَ والمياهَ والبشرْ
وترفض الزَّبدْ
فالخير فيها خالدٌ إلى الأبدْ
تونس١٩٩٣
القدس مفتاح السلام
صُورٌ مبعثرةٌ على دَرَجِ الكَنيسةِ
نخلةٌ تهتزُ
يَرتَفعُ النّشيدُ على ضِفافِ المَهدِ
كانَ هُنا انبعاثُ المَجدِ يصعدُ للأعالي
تاركاً للأرضِ والناسِ المَسرَّةَ والسَّلامْ
والناسُ غَيرُ النّاسِ حينَ يَسودُهُم جَشَعُ المُرابي
حينَ تَسكُنهمْ كَوابيسُ التَفرُّدِ
والتَّجرُّدِ مِن ملامح آدم .. ويَقودُهُمْ
في التّيهِ أبليسُ الكَلامْ
يَبستْ حُقولُ التّينِ في سَهل الرُّعاةِ
وما استَجابوا للضَّرائِبِ والخرائبِ
واستعانوا بالصُّخورِ على الفجورِ
وسَيَّجوا أرواحَهُمْ بهديلِ أغنيةٍ
يُرتَّلها وَيعزِفُهاَ الحَمام
اليومَ يرتَفعُ النَّشيدُ
وتبلغُ الأجراسُ
فَرحتَها بفيضِ النورِ من مُقَلِ الغَلابى
العائِدينَ مَع الضّياءِ من المَنافي
الخارجينَ معَ القوافيِ من زنازين الطغاة
الصامِدينَ الصابرينَ على مُقارعةِ الظَّلامْ
الفجرُ يفتحُ صَدرَهُ .. والأُكسجينُ يَفورُ
كالطوفانِ من مهدِ الَمسيح إلى القِيامة ..
لا حدودَ ولا سدودَ وساحةُ الأقصَى
مآذِنُهَا تَصيحُ : اللهُ أكبرُ ..
لَم يسودوا لحظةً في لهجةِ القُرآنِ ..
لَم يَطأوا بأحذِيةِ الغُزاة
ملامحَ اللغةِ الفِلسطينية
السدّ الذي
حفظَ العهودَ وصانَ حدَّ الإقتِحامْ
اليومَ تبلغُ لحظةُ الميلادِ ذَروَتَها
وتنتَقِلُ البشارةُ بينَ اوردةِ المدائِنِ كلها
ويحيطُ معظمها سوارُ المجدِ
تَفتحُ بيعةُ الفارقِ في القُدسِ الكَنائسَ
تَصدحُ الأجراسُ تَندمجُ المآذنُ في أناشيدِ
الرموشِ إلى حدودِ الإلتِحامْ
القُدس ترفَعُ رأسَها .. وترى عَمودَ النّورِ يرقُصُ
في زواريب الحكاياتِ القَديمة
يخرجُ العشّاقُ مِن خلفِ الظلالِ إلى التلالِ
ويستريحُ الربُّ من مِشوار خَلق الكونِ
عرش اللهِ في القدس استَقَرَّ وفي يديهِ
القدسُ مِفتاحُ السَّلاَمْ
تونس ١٩٩٣
الفَتحُ أُغنيتي
الفَتحُ أُغنِيَتي
وقَد أَعطيتُها عُمري
وصغتُ لهَا المَدى أشعارا
غَمرتْ فَلسطينَ الحبيبَةَ بالفِدا
والعُمرُ يُصبِحُ بالفدا أعمارا
لو عُدتُ أنسِجُ سترتي
لرسمتها قدماً على قدمٍ
ورائحَةُ النَّدا
في خاطِري نَهجّ يذوبُ له المدى
شوقاً يُفجرُ ثَغرهُ الأنهارا
كلُّ الرَّوافِد في دَمي أشعلتُها .. عِطراً
وعاصفَتي يُحاصِرُها الرَّدى
وتصوغُ نافِذتي الإرادةَ نارا
ويَجيءُ طيُن الأرضِ
يَسكُبُ في الصَّدى
لَحنَ الذينَ تَجمعوا ورحيقهم
بالفَتح يَقطِرُ عزةً وفَخارا
الأرضُ تَحكي الآنَ قِصَّةَ عِشقِها
وعِناقَها للعائِدينَ
وشَوقَها للراسِمين على الثَّرى مِشوارا
والظامِئين إلى الجَنى
برُموشهِم غزلوا نَسِيجَ لوائِهمْ
وبرُوحهم النجومَ ولَوَّنوا الأقمارا
يافتحُ إنّ الأرضَ تَفتحُ صدرهَا
وجبينَها في الشَّمسِ يخفِقُ
والذرى من حِولها مطرُ النَّدى مِدرارا
هطلَ الضميرُ على الثرى
فتعانقَتْ لُغةُ الزّنادِ مع العَواصِفِ
وارتقتْ نحوَ السَّماء تُفجّرُ الأسرارا
وتَصيحُ نافِذَةُ الحجارةِ :
إنَّ في وهَجِ الصُّخور تَألّقٌ
وبريقهُ
مِن سِحره قلبَ الظلامَ نَهارا
يا فَتحُ .. قانونُ المحبَّةِ في دَمي بُشرى
لمن سَلكوا الدُّروبَ حَيارى
يا صدركِ الحاني على شَوكِ اللَّظى
لَم يَبق غَيرُكِ مَن يجىءُ لهُ الوَرى
فالنَّهر .. نَهركِ
والمواسمُ عانقت سحرَ السَّماءِ
وللرمادِ على اللّظى
كفٌّ يُطرّزُ لِلحياةِ شِعارا
فْيكِ ابتَدَا دربُ الِهدايةِ
فانهضي يافَتحُ .. واستَلمي الهُدى
وتَقَدّمي ..
فلقد غَدوت مدى الحياةِ … منارا
تونس ١٩٩٣
الخيار خيارنا
رَأيتُ النَّدى مِن شُرفةِ الغَيمِ يَلمَعُ
وبوّابةُ الذكرى تُطلُّ
وفي دَمي أساطيُر للقَسّاِم
تَزهو وتَسطَعُ
رَأيتُ تَضاريسَ البُطولَةِ
كالسَّنى .. تُضيءُ
وأبوابُ السّماءِ تفتَّحتْ
وأحضانُها تَدنو وبالحبّ تَجمعُ
أقولُ لهُ : ياصاحبي أولاً مَضَتْ
وليسَت أخيرَا
صرتُ في عَينهِ أرى
حُقولَ جِنين واحةً ترسمُ المدَى
وتقسمُ : قَد صارَ الخَيارُ خَيارَنا
وملءُ جفونِ الوَجدِ كبرٌ وأدمُعُ
رأيتُ فلسطينَ استعادَتْ بَريقها
على صَفحَاتِ المجدِ
والارضُ تكتَسي
ملامِحَ من حِطينَ كالسَّيفِ تَقطَعُ
لمحْتُ على وادي الَحوارِثِ
أنجُماً تُضيءُ
وعزُّ الظّهرِ من وَهجِها اختَفى
وأحمدُ من قَلبِ النّجومِ يودعُ
وفي عينهِ شاهدتُ إصرارَ ماردٍ
وفي كفّهِ بوابةُ العِشقِ أينَعَتْ
قَصائِدُ يَرويها زِنادٌ وإصبَعُ
تَقولُ الحكايا أنَّ بوابةَ الثَّرى
مَفاتيحُها ملءُ الحُقولِ
وزَيتُها يُضيءُ
وكَم مِن شاهِدٍ عَالَهُ الردَّى
على هامِهِ إشراقةُ النَّصْر
كُلما أطَلّ عَلى ثَغْرٍ تَرى الوَرْدَ يونِعُ
وأقدامُنا صارَت على الارضِ
كلُّها مَشاويرُ للتحريرِ
لَم ينأَ قَصفُها
وكلُّ يَد تَبني هِيَ اليومَ مِدفَعُ
وكلُّ شَهيدٍ هبَّ مِن رَمسِهِ
وقدْ تَجسَّدَ فيه العَهدُ والوعدُ والفِدا
وكلُّ شَهيدٍ صارَ يحكي ويَسمعُ
تُطلُّ على غاباتِ يَعبُدَ باقةٌ
من الأرجوانِ الخَصبِ
والشمسُ تَحتَفِي بأعيادِها
والبرقُ للشّمسِ يَرجعُ
مَشَاويرُنَا تَمضي
إلى حيثُ تنتهِي خُرَافاتهم
فالوهمُ لا يَحفظُ السرّى
وصَرحٌ بَناهُ البَغيُ لابدَّ يُقْلَعُ
تونس١٩٩٣
أناشيد الأرواح
لم يَتَحَّقق حُلمي بعدُ
ولكن الكابوسَ .. انزَاحْ
تَتَماوَجُ في مُقلَةِ حَيفا أطيافُ الفرحةِ
وعناقُ الأمل المُتَسارعِ
من وَجناتِ القَسّامِ إلى جَبَلِ النارِ
يُهلّلُ بالافراحْ
وتَطّلُ مَلامِحُ من وطني
تَتَسربُ كالقُبلةِ حامِلةً عِشقَ اللحظَةِ
من وادي النِسناسِ إلى وادي التُفاحْ
يَرتعِدُ الخَوفُ وقد عصرته حقيقة
إنّ الأرضَ لأصحابِ الأرضْ
وإنّ المفتاحَ لأصحابِ المفتاحْ
والرَجفَةُ بالحَقّ انفجَرَت
كالقدرِ تمزّق أصفَادَ الأوهامِ
ويمتَدُ بَريقُ الكرملِ من عيبالَ إلى جرزيم
يمزّقُ ستر غموضِ اللهفةِ عن سرَّ الإفصاحْ
يا وطني
ألقاكَ الآن وفي عَينيّ دروبُ الأملِ
المتُشّحِ بأوسِمَةِ الغارِ
وفي شَفتيّ رَحيقُ الوجدِ
الباعثُ من أعمَاقِ الصَخرِ أناشيدَ الأرواحْ
يتآلفُ مَنْ يتآلف
يَتَحَالفُ من يَتَحالف
لكنَّ دُرُوبَ المجدِ تُرتِّبُ أنسِجَة الزمنِ الآتي
تَرسُمُ لَوحَةَ عشقِ الوطَن
جَناحاً فوق جَنَاح
يا طَيرَ الفَرحَةِ
أشرِقْ فنَشِيدَكَ يملأُ زَمَنَ النسيانِ
ويَسكُبُ سِحرَ الفَرحةِ في الأقداحْ
عَينايَ تُحَاور سر العِتمَةِ في مُنتَصف الليلِ
وتَفتَحُ بابَ الشدوِ لألحانِ الفجرِ
وتمزُجُ كُل مَساءٍ الإصرارَ بكلِ صباحْ
قُدُماً نَمضي نَحوَ الشَمسِ
وتأتي الشمس مُسيّجَةً بغُصُونِ النُورِ المتلَهفِ
حَامِلةً وَهجَ الشَفَقِ الدَامي
مُبحرَةً في وَجنَة كُلّ حَبيبٍ لاحْ
السِتْرُ انزاحْ
وفَاضَت كُلُ حَكايَا الليلِ
وصاحَ الدِيكُ ومَا هَلَّ الصُبحُ
ومَا عادَ النومُ مُباحْ
قُومِي يَا سَيدَتِي .. وانتفضي ..
فالكابُوسُ انزاحْ ..
والحُلمُ على شَفَتَيكِ وفي عيَنيكِ سِلاَحْ
تونس ١٩٩٣
في الذكرى الخامسة والعشرين لرحيل الزعيم الخالد
جمال عبد الناصر
انبعاثُ القَمرْ
“إن الثورة الفلسطينية هي أنبل ظاهرة في تاريخ أمتنا العربية
وإنها وجدت لتبقى .. ”
جمال عبد الناصر ..
غَابتِ الشّمسُ وطَلَّ القَمرْ
رُبعَ قَرنٍ والأماني في خطَرْ
يا أبا خالدَ ذِكراكَ المَدى
من شُموخِ اللّيلِ
من وَهجِ النَدّى
والصّدى يَبحثُ عن لونِ المطرْ
وبقينا يا أباخالدَ
للنسغ جُذورْ
َننُقشُ الدَّربَ على جَفنِ الصّخورْ
وحكاياتِ الوَطنْ
طالعٌ مِن وَهَجِ اللّحنِ
ومَجدَ العنفوانْ
يعصرُ التاريخَ من جُرح الزمانْ
والمكانْ
ساحةَ القدسِ وأغصانَ الشّجرْ
وُجِدتْ ثورتُكم يا أهلَ حِطّينَ
لِتَبقى
ولِتَرقى في السَماءْ
وبقينا يا أبا خالدَ
والعهدُ هو العهدُ
ونحنُ السيفُ
والنصرُ والقدرْ
نُطبِقُ الجَفنَ على أحلامِنا
ورمُوشُ العين مِفتاحُ الضّياء
دامِسٌ أيلولُ
لولا مولدُ النورِ الفِلسطينيُ
من قَلبِ الحجرْ
وانبعاثُ الوَطن الآِتي مِن الجُرحِ
وذِكراكِ التي لا تَنتَهي
لا تُختصر
أيها السّاكنُ في أحداقنا
أنت فينا لُغةٌ تحكي حكايانا
وفي أحرفها السِّرُ
الذّي يَجعلُنا نكبرُ بالجُرحِ
ونسمو في الخَطرْ
ونعيدُ الشّمسَ في ذِكراكَ
كي نبعثَ سيمفونِيةَ الضّوءِ
وأنغامَ القَمرْ
تونس١٩٩٣
شعاع الصبايا
إلى الصبايا اللواتي عانقن رياح الحرية والشموخ دائماً وأبداً …
إليهن وقد كسرن قيود الأكفّ المضمخة بعطر الكرامة
ليفتحن أبواب الحرية القادمة لكل الأسرى الأبطال
وها نحنُ نرسِمُ كينونةَ الكونِ بالضّوءِ
بعدَ انكِسارِ الظّلام
وها هو عطرُ الكرامَةِ
يجتاجُ صدرَ النَّدى
فيلوحُ الصّدى
حول صَدرِ الرّخامْ
وكلُّ الشَّواهد ترقبُ ..
كيفَ البَراكينُ تَنهضُ
كيفَ الشموعُ التي في الخيامْ
تتمتمُ بالشَّفتين اللتينِ
يُحاصِرُهنَّ اللمى والحُروفُ
التي يتبعثرُ منها الكلامْ
فَما من يد بسطت كفَّها
أغرقت حَرفَها
أغمضَت طَرفَها
أغمدت سَيفها
سلّمت أمرَها
للخداعِ المراوغِ باسمِ السَّلامْ
وعطر الصّبايا يحاصرُ كلَّ الحواس
ويبعث في الناسِ
سحرَ الصمودْ
يُخلّدُ فَنَّ التَّلاحُمِ
بَينَ قيودِ التّحرُّرِ باسمِ السّلامِ
وبين التحرُّرِ رغم القيودْ
تَعالوا معي . .
نحيي اللواتي صنعنَ من القَيدِ
فجراً جديدْ
تعالوا نُحيي الصّمودَ العَنيدْ
تعالوا نقول لهنّ
نَعَمْ . .
إنّ فيكنَّ وَمْضةَ شَعبٍ مَجيدْ
لهُ في الثّرى والثُّريا مكانٌ
لهُ في الزّمانِ وجودُ الخُلودْ
وللقدسِ حينَ أطلَّ عليها شعاعُ الصَّبَايا
انتعاشُ الوليدْ
يُفتِّش عن قطرةٍ في الشُّقوقِ
فَيأتى المدى بالوِصال المديدْ
وَيغمرُ أرضَ العروبة سَيلٌ
من المجدِ والعنفوانِ الأكيدْ
ولكنَّنا بانتظار المزيدْ
تونس١٩٩٣
نعم سوف نبني
نَعم سوفَ نَبني .. ونَبني ونَبني …
نَعم سوفَ نجني
لأنَّ ثِمارَ الخَليل التي أينعتْ
والدَّوالي المُشِعّة بِالأقحوانِ المُغَنّي
تُغنّي نَشيدَ الحَياه
تُغني نَشيد شُموخِ الجِباه
وتَبقى السماءُ التي اقتربتْ من جَبينِ الخَليلِ
لها وثبةٌ في الصَّهيلِ
لها عُرسُها في الجَليلِ
وما ودّعت غيمةٌ ثَديَها وهيَ تهطلُ
كانَ الذي كانَ …. عُدنا
ويأتي الذي سوفَ يأتي
ونَبقى على العَهدِ للأرضِ
نبقى مع الطولِ والعرضِ …
لن يتراجعَ فينا الشموخْ
ولن تنحني رايةُ الفَتحِ
كنا ونبقى نُشدّ المَداميكَ للصخرِ بالجرحِ
نَبني الحدائِقَ في قَلب أعيُنِنا
كي تَراها الدّموعْ
ونفتح صدر الكنائِسِ
حينَ يلوحُ من القدسِ همسُ الشُّموع
وفي ثالثِ الحَرمين مآذنُ
تَسعى إلى الحَرمِ الرابعِ
تقولُ حَمتني الخَليلُ
وكانت هِيَ الدرعُ يكسِرُ حدَّ السّهامْ
ومن أهلها في رحابِيَ سدٌّ
يَصونُ العُهودَ ويَحمي السّلامْ
وما مِن سلامٍ بلا رادع ..
وللأرض صوتٌ ينادي الخُلودْ
وفيه .. ومنه الصَّدى لا يعودْ
وسيلٌ من الفرحِ الأرجُوانيِّ
يَطغى على هَمساتِ الوُجودْ
ولمسةُ عشقٍ لزَيتونة الدَّهرِ
تَبعثُ سرَّ ومعنى الصُّمودْ ..
تَعالوا إلى الإرضِ نبني … ونزرعُ
هيا بنا بالعزيمةِ … نَقلعُ
كُل غريب .. ونَحمي التُّرابْ
ونسكبُ زيتَ النَّدى في السَّحابْ
فما ضاعَ حقٌّ لهُ من يُطالبْ
وما ضاعَ حقٌّ لهُ من يُحاربْ
تونس١٩٩٣
عودة جيفارا
تُراب الأرضِ يلتمسُ اعتذارا
ويذرفُ دمعهُ ليلاً نهارا
فقد شَهِدَ الفجيعةَ حين ضاقت
بكَ الدنيا فحاصَرْتَ الحصارا
وقاتلتَ العبيد بكبرياءٍ
وأصبحَ عندكَ الموتُ اختيارا
به تعطي الثرى مجداً ومنهُ
تعودُ إلى سمائِكَ يا جيفارا
أرادوا أن تموتَ لكي يعيشوا
فماتوا هم وأنتَ سَموتَ دارا
وفي مهجِ الشعوبِ سكَنْتَ دهراً
وهمْ حصدوا مع الِإذلالِ عارا
حديثُ الناسِ أجنحةٌ تسامتْ
إلى العلياءِ تلتمسُ الجوارا
تحلِّق فيكَ آمالُ الضحايا
وتسكنُ فيكَ أحلامُ الحيارى
لأنكَ كُنتَ من أجلِ الغلابى
تقاتلُ صِرْتَ للدُّنيا شعارا
فلم تجد الغنائم حين هلَّت
على قدميكَ تسألك الخَيارا
سوى تلك البشاشَةِ في عيونٍ
تجاوَزَت الغنائِمَ والفَخارا
فكانَ نشيدُ عُرسِكَ حين دَوّى
يُردّدُ .. ياجيفارا .. يا جيفارا
تعودُ إلى سمائِكَ في زمانٍ
سماؤُكَ أصبحتْ فيهِ المنارا
تونس١٩٩٣